أليست الدماء التي سالت في حضرموت وتسيل في عدن بغزارة كافية لأن توحدكم أيها السادة ؟؟

466

 

بقلم : فرج طاحس
بقلم : فرج طاحس

 

حقيقة لا أجد مبررا موضوعيا  للحملة  الظالمة التي تتعرض  لها السلطة المحلية في محافظة حضرموت  والمحافظ بالذات في هذه الظروف الحرجة والخطيرة التي تمر بها المحافظة والجنوب   بشكل خاص والبلد بشكل عام ، حيث نرى بأم أعيننا نزيف الدم الجنوبي بغزارة  بسبب الاغتيالات والأعمال الانتحارية بواسطة  السيارات المفخخة والتي راح ضحية لها العشرات من خيرة شباب الجنوب وحضرموت .

لم ننس بعد حادثة ليلة الثالثة  والعشرين من رمضان عندما فجر انتحاري نفسه وقت الإفطار في نقطة حراسة تابعة لقوات النخبة ، أو حادثة معسكر التجنيد   في المكلا ، أو ما تجري من أعمال قتل مماثلة  في مدينة عدن ، أليست هذه الدماء كافية بأن توحد أبناء حضرموت والجنوب  حول هدف واحد يلتف الجميع حوله ، وتجنب فتح جبهات جديدة للصراع والاختلاف .

كما أن حضرموت مستهدَفَة في عمقها الحضاري  والثقافي ، في ثرواتها في وحدتها ، في جنوبيتها ، فلننظر ما يجري فيها من أحداث وجرائم غريبة عن أهل حضرموت وعاداتهم وتقاليدهم وتعايشهم وسلميتهم ، انتشار ظاهرة التقطع والقتل ، وحروب الثأر ، والاشتباكات المسلحة بين بعض القبائل بسبب خلافات حول الأراضي ، وانتشار ظاهرة البلطجة والمخدرات ، وتعاطي  القات بشراهة من قبل كثير من الشباب  في  ظل غياب مصدر ثابت للدخل ، وإن كانت هذه الظواهر محدودة ، لكنها مؤشرات خطيرة  على الوئام والسلم الاجتماعي والتعايش بين  الحضارمة  أنفسهم الذين عرفوا بها عشرات السنين .

 كما يجب أن يعي  الجميع أن حضرموت لازال يتحكم فيها غير أهلها ، وخاصة  في الملف الأمني والعسكري ، وكذلك الإداري ، هناك إدارات لازالت ارتباطاتها بالمركز ، تتلقى توجيهاتها وأعتماداتها  منه ، ولاسيما في مديريات الوادي والصحراء .

اعتقد أن ماهو موجود من خلاف بين قوى الحراك  والسلطة المحلية إن وجد فعلا  ، هو خلاف ثانوي أو سوء فهم من قبل كلي الطرفين ، يمكن إزالته بالحوار والجلوس على طاولة واحدة ، الأمور لا تستدعي مطلقا الخروج إلى الشارع وتنظيم احتجاجات للتنديد بالسلطة والمحافظ  وكأننا أمام سلطة  عدوة . 

قبل عام عندما كانت المحافظة واقعة تحت سلطة المسلحين  الذين يقال بأنهم تابعين لتنظيم القاعدة ، بينماهم في الواقع تابعين التحالف الثنائي للحرب ، أين كنتم لم نسمع لكم صوتا واحداً ، أو عندما كانت مدن المحافظة  واديها وساحلها تعيش في ظلام دامس ، بسبب تردي خدمات الكهرباء ، أو عندما كانت المحافظة يديرها رجال ليس من أبنائها  .

كم كنا نتمنى أن تعم  هذه الاحتجاجات كل مدن الجنوب  ، مطالبة كل قوى الحراك والمكونات الجنوبية بالتوحد في إطار واحد لإيجاد حامل سياسي موحد للقضية الجنوبية ، يخاطب العالم والإقليم بصوت واحد ، وليس فتح أبواب جديدة للصراع والأخذ والرد داخل المحافظة ، لا يخدم أحدا بقدر ما يخدم أعداء القضية الجنوبية وحضرموت ، الذين يريدون منهما أن يظلا بقرة حلوب ، تدر عليهم الخير على حساب معاناة وحاجة أبنائهما. كما أنه من الصعب جدا تحديد من هو المسئول عن تردي العلاقة بين الطرفين ، من دون أن نعرف إبعاد المشكلة وأساسها ، ثم أن الحراك  ليس طرفا في السلطة  ، هو مكون نضالي جماهيري  نشأ بسبب فشل مشروع  الوحدة وتحولها  إلى مشروع للهيمنة والاحتلال ، وهناك قواسم مشتركة بين الطرفين ، يمكن  أن تجمعهما بعيدا عن الاختلاف والصراع اللذين لن يخدما إلا أعداء الجنوب وحضرموت الذين توحدوا، على الرغم من الحروب والدماء  التي بينهم ، وغير مستبعد أن يأتي يوم ما ينظم إليهم  دعاة الشرعية ، ويعلنوا الحرب على  الجنوب   ،تحت شعار الوحدة  أو الموت ، ونحن نعيش في خلافات وصراعات  تافهة لا تنتهي .

والقواسم المشتركة التي توحد الجميع كثيرة، لكن أهمها الحفاظ  على أمن واستقرار ووحدة حضرموت وارتباطها بمحيطها الجنوبي ، وتجنيبها الفتن والاحتراب .

LEAVE A REPLY