الحضارمة وحضرموت والعمل السياسي “الحلقة2” مقال لـ أ.عمر حمدون

388

 

واذا كان – كما يقال – لكل فعل ردة فعل , يبقى السؤال المشروع طرحه هنا هو اين هي ردة الفعل الحضرمية يومها المواجهة لمطالب اؤلئك النفر من الحضارمة المتيمنين ؟

 

أعنى اين هي الفكرة الجامعة للحضارمة او الدعوة التي ترسّخ وتعزّز من الهوية الحضرمية في تلك الأيام في مقابل دعوات استهدفت جرجرة حضرموت والحضارمة الى فخ اليمننة ؟؟ هكذا – في رأيي المتواضع جدا – بدأ الضياع والتيه الحضرمي في مسيرة حضرموت الحديثة والمعاصرة وبأيادي حضرمية اولا , حين فقد الحضارمة الروح الوطنية الحضرمية التي تقودهم تلقائيا لجعل حضرموت هي المنطلق والمرتكز الذي منه وله يخوضون العمل السياسي, من اجل إقامة الكيان الوطني الحضرمي بهوية وطنية حضرمية , في زمن تكوّن الدولة الوطنية ” القُطْرية ” في العديد من بقاع عالمنا العربي ونشوء وترسّخ هويات وطنية متعددة لشعوب عربية في اقطارها , هويّات قد لا ترقى من حيث الاصالة والعمق التاريخي الى مستوى اصالة الهوية الحضرمية وحقيقة عمقها التاريخي ..

 

فاين هم الحضارمة الذين عملوا – فكريا وتنظيميا وسياسيا تنظيرا وممارسة – على تأكيد هويتهم في ذاك التوقيت كغيرهم من شعوب العرب يومذاك ؟؟؟!!! لم يظهر الحضارمة – كشعب – نزوعا وطنيا حضرميا  لتأكيد ذاتهم كهوية عربية حضرمية لها خصوصيتها حالها كحال  بقية الهويات العربية الوطنية المتشكلة في كيانات عربية حديثة …ولم تتشكل لدي الحضارمة  في الداخل الحضرمي او المهاجر تلك المكونات السياسية او الأطر التنظيمية القائمة على تأكيد الحضرمة كهوية , في مقابل ماكان يحضّر ويخطّط له من دعوات لجرجرة حضرموت خارج نطاق هويتها الحقيقية !!!

لقد اظهر الحضارمة بدلا من ذلك نزوعا وطنيا آخر يضع القومية و العروبة اولا فوق الانتماء الوطني الحضرمي ….وكأنهم هم وحدهم المسئولون عن حال العرب ووحدتهم. ويتعجب المتابع للتاريخ الحضرمي الحديث كيف انهم , اي الحضارمة , قد تطلعوا الى الوحدة القومية العربية في الوقت الذي عارض بعضهم  وحدة اقليمهم الحضرمي المتمثل في السلطنتين الكثيرية والقعيطية !!!… بل ربما استحسن البعض الاخر من مثقفي حضرموت وسياسييها  البعد الاممي بشقيه العالمي والاسلامي على حساب الهوية الوطنية الحضرمية ….

الا انه يبقى للانتماء القومي عند الحضارمة الاولوية على حساب الانتماء الوطني الحضرمي , يتضح ذلك من خلال انخراط النخب الحضرمية المتعلمة والمثقفة في الاحزاب والتنظيمات التي تكاثرت في العالم العربي في مرحلة بداية الاربعينيات الماضية ومن اهمها الاحزاب والتنظيمات ذات التوجه القومي التي اوجدت لها فروعا في عدن ” كونها عاصمة لمنطقة الجنوب العربي وملتقى الحضارمة المدنيين والقبليين في الداخل والمهجر …وقانون عدن يسمح بانشاء الاحزاب بخلاف قانون حضرموت الذي يحرم النشاطات الحزبية ” – كمايقول الكاف – وكأن تأكيد البعد الوطني الحضرمي يتناقض مع الانتماء القومي او حتى الانساني عند هؤلاء الحضارمة !!!!!

 

هذا الامر الذي جعل –مثلا – حزب رابطة ابناء الجنوب العربي , الذي تأسس في عدن عام 1949 م مقصدا للكثير من النخبة السياسية المتعلمة والمثقفة الحضرمية في عدن وحضرموت,  وهو الحزب الذي جعل همه الاول لملمة كافة مناطق الجنوب الواقعة تحت الحماية البريطانية في دولة عربية مستقلة واحدة على تراب هذا الجنوب العربي بعد رحيل الاستعمار البريطاني.. وقس على ذلك بقية التنظيمات السياسية التي تواجدت في حضرموت سرا او علانية تجد ان تـأكيد الهوية الوطنية الحضرمية عند هؤلاء ” المثقفين والسياسيين الحضارمة ” غائبة او مغيبة ….ولم يشتغل – على حد علمي – أي مكون سياسي / ثقافي حضرمي على ترسيخ الهوية الحضرمية كهوية وطنية مستقلة لهذا الشعب العربي القاطن ارض حضرموت , أسوة ببقية الشعوب العربية التي رسخت لها هويات عربية في اقطارها وبعضها هويات مستحدثة…

 

يتبع الحلقة 3

LEAVE A REPLY