صناعة الفوضى مقال لـ نادر الضحّاك الحالمي

318

تمخض الجنوب فُولدَ شاب بالغ هي مشيئة الله ولا إعتراض

ثم سُمي مجلساً ، وها هو الآن بعد ذلك المخاض العسير  يعي سريعاً ، ويبدأ خطواتهِ الرصينة والمكينة ، وها نحنُ نعيش واقعاً مختلفاً ، واقعاً كان حُلم منذُ بِضع سنوات فقط.

ومع تصاعد وتيرة التوحّد حول المجلس ، وزخم المناصرة والإيمان واليقين بهِ  ، وتنامي الوعي بأهمية التمسك والإلتفاف حوله والعمل تحت رايتهِ ، وإدراك الجميع بأهمية اللحظة التاريخية التي تمر بها قضيتنا الجنوبية.

وبينما نعيش الحلم واقعاً ، وتسير بنا سفينة الإنتقالي نحو بر الأمان كان لابد مِن أعداء يقفون في منتصف الطريق ، وقراصنة في منتصف المحيط  يسلبون كل شيء حتى الحلم ذاته..

لن أسترسل فلا المقال يسمح  ، ولا اللغة مطواعة ، ولكن ما يقال اليوم في المجلس الإنتقالي من أعداءه يجب الوقوف عنده والرد عليه ، فالصبر حد ، والتغافل مدى معلوم ، أما غير ذلك فهو مهانة واستعباد واستحمار وسكوت عن الظلم والرضا فيه.

أما الفوضى وما أدراك ما الفوضى!

فلا يصنعها إلا المنتفعين الفاسدين ، الساعين إلى المال والسلطة ، الفاشيين الذين يتلذذون بمعانة الشعب  ، واللعب في جروحهِ المفتوحة.

فلا يُخفى على أحد ما يشهدهُ الجنوب وعدن بالتحديد من فوضى مصطنعة ومتعمدة ومدروسة بإتقان هذه الفوضى التي تعلمون جميعاً من يقف خلفها  فوضى لخداع الشارع  وتضليل العقل ، وتأجيج الرأي العام وإشغاله عن قضيتهِ المركزية…

وللأسف هناك الكثير مِن أنجر خلف تلك الأوهام التي تروج لها أبواق الشرعية ومن لف لفيفهم ..

هذه الفوضى التي سُخّرت لها كل الإمكانيات ، ومهدت من أجلها كل الطرق ، لم تأتِ أُكلها بسبب وعي الشارع الجنوبي  ، والتزامهُ الإنساني والتاريخي تجاه قضيتهِ ودماء الشهداء التي سالت لتروي حلمنا الذي يتحقق الآن .

أن ما تمروا بهِ منطقتنا وقضيتنا الجنوبية تحديداً  يستدعي الوقوف ، التأمل ، محاسبة النفس  ، وعدم الانجراف والانجرار نحو المزيد من الأشكال والتفرقة والعنصرية التي لن تخدم احد سوأ اعداءنا.

انا هنا لا أتكلم عن التداعيات الإنسانية فقط جراء هذه الفوضى ، بل ما يمكن أن تحققهُ من أهداف يطمح أعداء الشعب لتحقيقها كالانقسام والتشتت والتفتت والمناطقة والقبلية بل والعودة إلى المربع الأول.

مشكلتنا أننا نعرف كل شيء ، فالدور الذي تقوم بهِ الشرعية وحكومتها الفاسدة في إحداث الفوضى والإرباك المجتمعي ، والتهرب من مسؤوليتها والتزاماتها ، بل حتى تمويل المرتزقة من المناصرين أين كان نوعهم ووظيفتهم ليس سراً، ومع ذلك لازال بيننا من يقول إن الشرعية ليست معادية لنا، ولا تشكل خطراً علينا، يصدق إنها ونحن نحارب في خندق واحد (المليشيات الحوثية) ولكن في نفس الوقت هي تحاربنا وتطعننا من الخلف ونحن نقف معها في نفس الخندق وخلف نفس المتاريس..

الخلاصة  أن الجماهير الجنوبية لم تفقد وعيها وتركيزها وتقديرها للأمور ولم ولن تسمح أن يديرها ويتحكم بها وباحتياجاتها الفاسدين المنتفعين ، بل ولن يسمح الجنوبيين أن تؤثر فيهم هذه الفوضى ، أو أن تهز قناعاتهم ، وهذا ما اثبتته وسوف تثبته الأيام .

LEAVE A REPLY