كرش (المندب نيوز) عبدالله عبدالمجيد

يخرج التلميذ ” مهند محمد” (6 أعوام)  كل صباح، حاملاً قرطاساً يحتوي على دفتر وكتاب، قاطعاً مسافة تتجاوز الواحد كيلومتر ليصل إلى شجرة العلب (السِّدر) والواقعة بمنطقة الربوع، مديرية القبيطة محافظة لحج، لتلقي أولى مراحل التعليم في حياته.

اتخذ مهند موقعاً بعيداً عن زملائه قبل أن يقعد القرفصاء واضعاً رأسه على ركبتيه بعد أن ضمهما بيديه الدقيقتين المرتعشتين.

اقتربنا إليه لمعرفة سبب ابتعاده عن معلمه، أجاب: ” هذا المكان توجد به شمس، أنا أشعر بالبرد ” ، قالها وارتعاد أسنانه المرتعشة تقطع كلماته البريئة.

وعلى بعد أمتار قليلة منه تقعد التلميذة ” ليالي منير” (9 أعوام) ضمن طلاب وطالبات الصف الثالث تحت شجرة أخرى.

المعلم يؤدي درسه بكل تفانٍ رغم ما يحيط به من ضوضاء، فيما تنشغل “ليالي” وصاحبتها  بالنظر إلى أعلى الشجرة حيثُ يتنقل عصفور بين أغصانها، وبحركة عفوية تقومان على تقليده غير آبهتين بما يقوله المعلم.

وضع مأساوي

يقول المعلم محمد علي :” بدأنا الدراسة منذ أسبوع في ظل وضع تعليمي أقل ما يوصف بالمأساوي، فتلاميذنا يعانون الكثير، بدءً بحالة الجو البارد والذي تسبب  بإصابة الكثير منهم بأمراض الأنفلونزا والالتهابات خصوصاً صغار السن منهم، وكذا الضوضاء التي تصدر من السوق والسيارات، والدراسة في العراء تحت الأشجار، كل هذا يؤدي إلى فقدان التلاميذ التركيز والانتباه أثناء تأدية الدرس وشرحه”.

ويضيف “علي” في تصريحه عن الوضع التعليمي : ” ماثل أمامك للعيان، وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً على تحصيلهم العلمي، ولهذا نتمنى من الجهات المعنية في المديرية والمحافظة وكذا المنظمات المعنية بالقيام بواجبهم تجاه هؤلاء التلاميذ والطلاب والذين يؤمل فيهم بناء المستقبل المشرق إن شاء الله”.  

مدير التربية في المديرية الأستاذ / محسن جازم أوضح جانب مما تعانيه إدارته والتي طالت جميع أركان العملية التعليمة ، جاء ما تشهده المديرية من حرب لقرابة العامين. وأشار جازم في تصريحه أن طلاب مدارس: الزُبيري، والقادسية، والفرقان، والوحدة بكرش، ومدرسة عمار بن ياسر في منطقة الشريجة، ومدرستي عائشة، وعمار بن ياسر بمنطقة حدابة السُفيلى، وكذا مدرسة 22 مايو بمنطقة الضاحي كرش، جميعها تعطلت العملية التعليمية فيها، وأصبح طلابها موزعين في بعض مدارس مديريات المحافظة: كتُبن، والمسيمير، والحوطة، والحبيلين بردفان.

وفيما يخص باقي بعض بلدات المنطقة تم توزيع فيها 14 خيمة كان من نصيب منطقة محصوص ثلاث خيام، وخمس لمنطقة قبة الشيخ ثابت، وخمس أخرى لمنطقة الربوع، وخيمة واحدة لمنطقة الأعشار.

كما أوضح جازم في تصريحه أن إدارة التربية تفتقر لوسيلة مواصلات من شأنها أن تمكنه من زيارة المدارس وأماكن تواجد الطلاب في مناطق النزوح، وكذا عدم توفير الميزانية التشغيلية.

الأهالي يناشدون

مدير المديرية الأستاذ “عماد غانم” أوضح في تصريح : ” أن 680 طالباً وطالبة من مختلف مراحل التعليم في منطقة الربوع و143 طالباً من النازحين يدرسون في ثلاث خيام بواقع خيمة لكل صف، وصفان آخران يدرسان في مسجد المنطقة، فيما يدرس بقية الطلاب بمختلف مراحلهم الدراسية تحت الأشجار وفي بطن الوادي، وبجوار بعض المنازل، الأمر الذي زاد  من معاناة التشرد لديهم معاناة الدراسة في العراء وتحت سقيع البرد القارس، الذي  يزاد يوماً بعد يوم، كما إننا مقبلون على فصل الربيع وهو ما يعني تساقط المطار  خصوصا في فترة الصباح، ولهذا نناشد المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والطفل ومكتب التربية والتعليم في المحافظة إلى التحرك الإنساني وسرعة النظر لحالة الطلاب المأساوية في منطقة الربوع بالمديرية وذلك بتوفير الخيام والكتب والسبورات وكذا الطباشير لتخفيف من معاناتهم”.

وأشاد غانم في تصريحه بكرم أهالي المنطقة والتعامل بإيثار تجاه النازحين  والسماح لهم بتحويل مدرسة أبنائهم إلى سكن، والصبر على دراسة فلذات أكبادهم تحت الأشجار.

ويعاني معظم أهالي قرى وبلدات كرش من حياة التشرد لما يقارب العامين لوقوع مناطقهم  ساحة حرب بين أفراد المقاومة الجنوبية المسنودة بالجيش الوطني ومليشيات الحوثي المدعومة بقوات المخلوع صالح.

LEAVE A REPLY