قصاصات وأقاصيص ( 14 ) يكتبها : أحمد باحمادي

328

 

 

( 1 )

أُسدل الستار على يوم من الحر ..

أكلت انقطاعات الكهرباء ما تبقى من طراوة الجلود ..

ضاق الناس ذرعاً .. تساءلوا عن البشرى !!

أُذيع التنويه .. “محطة ( … ) توقفت مولداتها

محطة ( … ) تعطل مولدها فزادت أحمالها ..

أعطال الشبكة الاعتيادية .. زادت وتيرتها”

عليكم أن تتعلموا أن المصائب لا تأتي فرادى !

وبالرغم من ذلك أضافوا ..

” نبشركم أن الوضع مطمئِن .. كل شيء على ما يرام ! “

تمزق الحجاب .. سقطت الأقنعة

وعادت تلك النظرة المسعورة …

( 2 )

أنوار منطفئة .. حرارة لا تُحتمل ..

وعود كاذبة ..

 لم يحتمل المعاناة .. صرخ ساخطاً…

( 3 )

جعلوا منه قصيصة .. حينما كتب الاقاصيص ..

طنشهم .. حقدوا عليه !!

ألقى بأحقادهم تحت رجليه وواصل المشوار ..

كم تمنوا أن يركلوه ..

أن يضربوه بالعصا في إليتيه ..

 مثلما كان أبوه يفعل في صغره !

( 4 )

ترررررن .. ترررررن

رنّ جرس الهاتف في غير وقته الاعتيادي تقريباً !

الجارة ( 1 ) : كيف الحال وكيف أصبحتم .. ألم تعلمي بقصة ابن جارتنا ( … ) ذلك الشاب الطائش ؟!

الجارة ( 2 ) : لا، لم أسمع ماذا حدث لا سمح الله ؟

الجارة ( 1 ) : ضبطه زوجي مختبئاً يتعاطى المخدرات !!

الجارة ( 2 ) : وماذا فعل زوجك بالشاب ؟

الجارة ( 1 ) : جرّه إلى بيت أبيه .. أخبرهم بالمنظر مثلما رآه، طلبوا منه السكوت وعدم البوح لأي كان بما رأى، ووعدوه بأن سوف تتم تسوية القضية مع هذا الابن العاق.

الجارة ( 2 ) : إذا كان الأمر كذلك فلماذا اتصلتِ بي وأخبرتِني ؟

الجارة ( 1 ) : لأنني متأكدة أن سري هو سرك، وأنك لن تخبري أحداً !

الجارة ( 2 ) : فليكن الأمر كما تشاءين .. سرك في بئر بعيد القعر ..

ترررررن .. ترررررن

الجارة ( 2 ) لـ الجارة ( 3 ) : سأخبرك بأمر لكن بشرط .. ألا تخبري أحداً …

ترررررن .. ترررررن

الجارة ( 2 ) لـ الجارة ( 3 ) : اسمعي .. لدي خبر خطير لكنه سر .. هل تعدينني ألا تخبري أحداً …

ترررررن .. ترررررن .. ترررررن .. ترررررن

( 5 )

بعد عقد القران .. وقفوا صفاً لتهنئة العريس ..

بدا مبتسماً .. لعلعت أصوات الرصاص في الأرجاء ..

فجأة .. تخضب بياضه .. غابت ابتسامته الواسعة ..

رصاصة راجعة قبّلت رأسه الصغير ..

( 6 )

صدحَ صوتُ أذان المغرب في أرجاءِ الكون الفسيح ..

أفطر الصّائمون على تمراتٍ وشربة من ماء ..

أما هو فقد فأشعلَ سيجارة !!

( 7 )

وُلدَت ناقصة في غمرة الشقاء لسبعة أشهر ..

أسرعوا بها للحاضنة .. ضمتها بين جدرانها البلاستيكية ..

انقطعت عنها الكهرباء ..

فانطفأت حياتها …

( 8 )

كان وحيداً وسط ضغوط الامتحانات ..

غداً سيصبح على امتحان الجغرافيا ..

صارع الوقت .. صارع الكهرباء ..

شعر ألا فائدة في محاولاته ..

استسلم للواقع .. بعد أن أحسّ باليأس،

أما غيره .. سلكوا طرقاً أخرى للنجاح …

( 9 )

طريق سريع يغصّ بالماشين ..

مرة يتصل حال سواقته .. ومرة تأخذه غفوة ..

الجميع يهرولون إلى مقاصدهم ..

بسرعات جنونية لا ترحم ..

ذات مرة أسرع مثلهم .. وغفا ..

صحا على عالم آخر …

( 10 )

مع إقبال رمضان .. خرجت ( بونبو ) من بيضتها ..

تكالبت على الشراء بسعار شديد ..

صاح الزوج على ألم المكاوي ..

رمضان .. عيد .. مدارس

ولا أحد يرحم .. حتى زوجته التي كانت له مخلصة !

تمنى جيب الأحلام .. الجيب السحري ..

( فحسه ) بشدة ليظهر المارد ..

اكتشف خواءه المخيف …

( 11 )

لم ينتبه لما كان يُحاك ..

فقد تركيزه بينما دسوا له شيئاً في الشراب ..

بعدها تغيرت حياته .. انقلبت رأساً على عقب ..

طلق زوجته .. شرد أطفاله ..

وتاه في دهاليز الجنون …

( 12 )

فتحوا موقعاً ثم أغلقوه !!

فتحوا آخر ..

بعد برهة .. أغلقوه !!

مهنة المتاعب .. أرادوها مهنة ( القحمشة ) ..

بحثوا عمن يدفع .. فلم يدفع لهم أحد ..

أغلقوا مجدداً ..

لا تستغرب .. هكذا هم الفاشلون دوماً …

( 13 )

كانت رحلة إلى أرض الأهرامات ..

لم تكن بقصد السياحة !!

في طائرة الأدواء .. رحلوا محلّقين ..

بعد الوصول .. وقفوا في صف طويل ..

ربما السفر .. الانتظار .. قطعة من عذاب ..

غير أن وطني كومة من عذاب ..

ومع كثرة الآلام ..

واصل الآخرون مجيئَهم …

( 14 )

ضاق بها ذرعاً ولعب بذيله ..

تعرّف على أخريات .. ثم عربد !

تفاجأ بها تفعل مثلما يفعل ..

وزيادة .. مع أصحابٍ قدامى يكن لهم الإخلاص ..

صوت الخيانة .. دقة بدقة …

( 15 )

المشتري : بكم كيلو البطاطس ؟

البائع : أنتم دائماً تسألون ولا تشترون شيئاً !

المشتري : نسأل لأن أسعاركم لا تثبت على الدوام ..

البائع : لا تجادلني .. إذا لم تعجبك أسعاري فاذهب لآخر !

المشتري : بغض النظر عن ارتفاع الأسعار وتدهور العملة ..

أنتم تستغلون الأوضاع وتتفيدون أكثر من اللازم ..

البائع ( غاضباً ) : يقال إن الجوع لا يمكنه أن يحيا وحده،

 بل عليه أن يتنفس الإذلال لكي يدوم !

المشتري : المعضلة أن هذا الإذلال لا نعانيه من أصحاب الجاه والمال

 قدر ما نعانيه من أبناء جلدتنا،

 الجميع يشتركون بإذلال الجميع كأنهم ينتقمون ،

 الآباء يذّلون الأبناء، الكبار يذّلون الصغار،

الرجال يذّلون النساء، المعلمون يذّلون التلاميذ،

 الموظفون يذّلون المراجعين،

هكذا في شبكة جهنمية من الإذلال اليومي العلني والمتستر.

( 16 )

مع إشراقة كل صباح .. نصحو لنرتشف سموم أنباء بالية ..

نقتات مع إشراقة كل شمس على حمأة الهم .. ووحل الانزياح،

لا نعلم متى يأخذنا الوطن إلى حضنه الرؤوم ؟

ليطبطب على آلامنا .. يداوي جراحنا ..

ويمتصّ آهاتنا الحرى ..

في دهاليز الحيرة المظلمة .. نسير ونسير ..

تتعثر خطانا .. تتبعثر .. تتلاشى ..

ثم تضيع …

LEAVE A REPLY