استطلاع خاص : الانفلات الأمني,,في مدن وقرى وادي حضرموت الى اين؟

529

 

سيئون (المندب نيوز) خاص 

 

 

الزائر إلى وادي حضرموت سيرى حجم الانتشار الكبير للنقاط العسكرية على امتداد وادي حضرموت , فالمسافة الواقعة بين تريم وشبام يوجد بها أكثر من سبع نقاط ,وهي مسافة لا تزيد عن ستين كلم , ورغم هذا الانتشار الكبير إلا أنَّ الانفلات الأمني الذي تعاني منه هذه المدن قد بلغ مبلغاً غير معتاد , وهو ما يؤكد المقولة السائدة بأنَّ تلك النقاط العسكرية قد وضعت لمهام وأغراض أخرى غير غرضها الأساسي وهو حفظ الأمن والاستقرار وحفظ السكينة العامة , بل ربما  تكون قد وضعت لأهداف أخرى ومنها الاسترزاق على الإتاوات والغرامات التي تفرض على الشاحنات القادمة من عمان والمهرة كما يقول المواطنون.

 

مديرية القطن خلال الأربع السنوات الماضية كانت مسرحاً مفتوحاً للانفلات الأمني,  فهي إحدى أبرز المدن بوادي حضرموت التي اكتوت بجمر هذه الظاهرة , وكانت قد شهدت عشرات عمليات الاغتيالات والاختطافات والتقطع للممتلكات الخاصة والسطو على بعض ممتلكات وأراضي الدولة , تليها في المرتبة الثانية للانفلات الأمني مديرية سيئون حاضرة وادي حضرموت وهي الأخرى قد شهدت الكثير من عمليات الاغتيالات للعديد من الشخصيات الأمنية والاجتماعية كانت ترتكب نهاراُ جهاراً , وفي الآونة الأخيرة دخلت مديرية تريم أيضاً إلى هذا النفق المظلم حيث شهدت عمليات قتل خارج نطاق القانون ونصب للنقاط العشوائية والتقطع للمارة , وقد كانت فيما سبق إحدى أكثر المدن بحضرموت استقراراً  وأمنا مقارنة بالمدن الأخرى.

 

الانفلات الأمني أصبح مستشري بكل مدن وادي حضرموت رغم القوة العسكرية الهائلة المتواجدة كما أسلفنا ذكرها لكن دون أن يكون لذلك التواجد أي جدوى تذكر ,وأصبح من يحفظ الأمن هو المجتمع ولا توجد أية قوة تمنع المجرمين من ارتكاب جرائمهم في وضح النهار أو حتى تلاحقهم إلا بمقابل خاص وإتاوة تدفع مقدماً , وما يشهد على ذلك  المنطقة الواقعة من القطن وبن عيفان ( الخشعة ) هي المنطقة الأكثر انفلاتاً و تقطعاً للمارة ليلاً رغم الانتشار الهائل للعسكر بتلك المناطق ودخولها في نطاق معسكر الخشعة المركزي.

 

السلطة المحلية بوادي حضرموت هي الأخرى واقفة عاجزة لا تحرك ساكناً أمام هذا الانفلات الأمني , وكل ما قد تبديه أمام هذا الإخفاق الأمني الكبير عبارات التبرير المعروفة ,وهي أنَّ تلك القوات لا تخضع لسلطتها ولا تنقاد لأوامرها ولا توجد لديهم قوة أخرى تحمي النظام والقانون وتعاقب الخارجين عنهما.

 

المندب نيوز استمع  آراء المواطنين بوادي حضرموت تجاه ظاهرة الانفلات الأمني الذي تشهده مدنهم وقراهم , فقد عبر المواطن (أحمد) من مدينة تريم عن رأيه في هذه الظاهرة قائلا : ” هناك انفلات أمني بسبب البلطجة والسرقة والعشوائية وهناك انفلات أمني بسبب الجماعات الإرهابية , اعتقد أن سبب الانفلات الأمني بشكل عام هو ضعف الدولة وتشتتها وعدم وجود شرطة قوية لها قيادة موحدة مسيطرة ومتواصلة مع بعضها في كل حضرموت .

 

وفي استفسارنا منه حول القيادة الموحدة قال : القيادة الموحدة المسيطرة أمنياً تعني وجود مراكز للشرطة ونقاط ظاهرة ونقاط مخفية في كل مديرية ولها نقطة اتصال آني مع المراكز ومع القيادة ,بمعنى آخر يستطيع القائد العام أن يعطي تعميم وأمر لجميع المراكز والنقاط في حضرموت ويصل الأمر في لحظته إلى الجميع ,وتقسّم المدن والحارات إلى مربعات في كل مربع مندوب أمني أو أكثر يعرف كل ما يدور في المنطقة , إلى جانب العمل ألاستخباراتي,  والاختراقات فيما يخص الجماعات الإرهابية ويتبع كل ذلك الإمكانيات والمعدات والمال والإعلام التوعوي “. “

 

 

 المواطن راضي مفيلح من سيئون وفي تعقيبه على ظاهرة الانفلات الأمني فقد قال :” ظاهرة الانفلات الأمني هي ظاهرة مفتعلة عمداً بتكتيك استخباراتي , ولم تكن ظاهرة الانفلات الأمني في وادي حضرموت وليدة الزمن الراهن بل يتعمد فعلها حين الحاجة لها وتزداد حدّتها بحسب المستجدات حتى وصلت حالة  الانفلات بشكل دائم ومفتوح , و تعود أسبابه إلى متغيرات مسار الثورة الجنوبية إلى منعطف الكفاح المسلح مؤخراً , كما أنَّ الخوف من إزاحة القوات العسكرية الشمالية ودحرها من الوادي يعتبر أحد الأسباب وهو الأمر الذي سيمكّن أهالي سكان وادي حضرموت وقيادة حضرموت والنخبة والمقاومة والتحالف في العمل بيداً واحدة مع المؤسسة الأمنية بالوادي كقوة عسكرية ووطنية في القضاء على حالة الانفلات الأمني والوصول إلى مستوى تطبيع و إرساء دعائم الأمن و الاستقرار في وادي حضرموت.

 

 المواطن محمد بازمول من منطقة عينات تريم في حديثه معنا فقد قال : “هنا أود أن أحدد ما هي الهفوات التي للأسف الشديد تظهر بارزة في مجتمعنا وتعتبر نوع من أنواع الانفلات الأمني, وأحد ظواهره حمل السلاح والتجول به في المدن والقرى بدون تصريح وبشكل مزعج وملفت للنظر وغير حضاري وقانوني , وكذلك إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات , إضافة إلى حمل السلاح من قبل الأطفال القصّر , كما عرّج في حديثه إلى الإجراءات التي يجب اتخاذها (1) إصدار قرار قوي وحازم  بمنع التجول بالسلاح في المدن والقرى (2) منع إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات بكل مسمياتها ( 3) تحديد عقوبة صارمة لكل المخالفين (4) أشعار المحاكم والمأذونين الشرعيين بعدم عقد النكاح إلا بعد التوقيع على استمارة خاصة بهذا الموضوع.

 

المواطن – و ا ع – من مديرية تريم فقد قال : ” نعيش نحن في وادي حضرموت يمكن أن نقول أحسن من غيرنا في الأمن ولكن لا يعني هذا إننا ننعم بأمن كامل مادام هناك فجوة كبيرة بين رجل الأمن الحقيقي والمواطن للأسف الكبير , إنَّ رجل الأمن بوادي حضرموت هو من يقلق المواطن في أغلب الأحيان وهذا ظاهر جلياً للعيان بعنجهية وبلطجة وعنفوان رجال الأمن بقيادة سياراتهم أو بركوب أكثر من شخصين على متن دراجة نارية , ويكونون مسلحين وملثمين دون حسيب ورقيب, أو يتسبب رجال الأمن بإطلاق الأعيرة النارية بكثافة بدون سبب أو سبب تافه , وهذا كله يؤدي إلى فقدان الأمن وضياعه وبالتالي لا يشعر المواطن بالأمن الحقيقي بل يعيش على أمن مقلق ومزعج فكل بلد ومحافظة ودولة لا تشعر بالأمن الحقيقي إلا من خلال أمن أبنائها المخلصين والصادقين فغير أبنائها لا يمكن أن يحميها الحماية الصحيحة.

 

وفي حديثنا أيضاً مع الكاتب مراد علي عن الإخفاق الأمني قال : ” ظلت ظاهرة الانفلات الأمني بوادي حضرموت تؤرق المواطنين بشكل يومي ,التقطع في الطرقات والخطوط الطويلة وبروز نقاط قبلية بين الفينة والأخرى من دون أن تحرك الجهات الأمنية ساكناً، وظلت تتعامل مع ذلك الواقع باللامبالاة.  

بإيجاد منظومة أمنية يتحقق السلم الاجتماعي، وفرض شروط تحقيق النظام والقانون الذي ينعكس على مظاهر التنمية والمشاريع الاستثمارية ,وهذا باعتقادي مفقود في وادي حضرموت.

 

فالانفلات الأمني الذي اكتوى به المواطن بوادي حضرموت لا يمكن القضاء عليه إلا بوجود قوة وآلية تحرس وتحمي النظام والقانون وهي الآلية التي نفتقدها ولا توجد أي بوادر تلوّح في الأفق تتجه لتحقيقها , ويبقى السؤال الذي تتحدث به ألسن المواطنين بوادي حضرموت , متى سوف تتجه أبصار قوات النخبة الحضرمية إلى وادي حضرموت وتعيد له أنفاسه الطيبة و أمنه واستقراره أسوةً بساحل حضرموت ؟ .

LEAVE A REPLY